الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

الأسئلة العشر التي يكرهها دعاة الفيدرالية في ليبيا

د. محمد يونس
1- عند تتبع جذور كلمة فيدرالية في اللغة اللاتينية نجد أنها ترتبط بمعنى الاتحاد، وسؤالي للفيدراليين هل الاتحاد يكون للمقسّم أم للموّحد؟ فإن كان الجواب هو الأول كما هو المتوقّع، فهل ليبيا مقسّمة الآن لكي نوحّدها أم أنّ علينا أن نقسمها أولا لكي نتمكن من توحيدها على نحو فيدرالي؟ فإن أقررتم بالثاني فقد اعترفتم بالتقسيم، وإن لم تعترفوا فهذا عناد بيّن.

2- تقولون إن أكثر الدول تقدما في العالم هي الدول الفيدرالية؟ والسؤال هل تقدمت هذه الدول بسبب كونها فيدرالية أم أن ثمة أسبابا أخرى لتقدمها؟ فإن كان الجواب هو الأول فلم لم تتقدم أثيوبيا ونيجيريا وجزر القمر مع أنها تتبع النهج الفيدرالي؟ وهل لو لم تكن تلك الدول فيدرالية بل كانت موحّدة تاريخيا وعرقيا وجغرافيا ودينيا ستكون أقل تقدما؟

3- تقولون إن سبب تقدم دولة الإمارات هو كونها فيدرالية؟ وتعليقي أن هناك عوامل أخرى كثيرة أدت إلى تقدمها ومن بينها الاتحاد. ولكن ما غاب عنكم هو أن هذه الدولة كانت إمارات متفرقة قبل اتحادها ثم انضمت بعضها إلى بعض فيدراليا فأصبحت دولة واحدة، أي أنها اتجهت من الانقسام إلى التوحيد فتطورت بفعل التوحد؟ أما ليبيا فهي دولة واحدة، فإذا طبقنا عليها النظام الفيدرالي فقد نقلناها من الوحدة إلى الانقسام، وهذا يعني أننا سرنا بها عكس الاتجاه الذي تسير فيه دولة الإمارات.

4- من المعلوم أن كل إقليم (أو دويلة) في النظام الفيدرالي له سلطة تشريعية مستقلة ممثلة في برلمانه المنتخب، والسؤال ما الذي يدعو إلى أن يكون التشريع في درنة مثلا مختلفا عن التشريع في الزنتان أو في سبها؟ أليس المواطنون هنا لا يختلفون عن المواطنين هناك؟

5- تقولون إن اللجوء إلى الفيدرالية يقضي على المركزية والمعلوم أنه في كل إقليم في النظام الفيدرالي مدينة تكون مركزا له؟ وهذا يعني أن أطراف الإقليم سيعانون من المشكلات التي يعاني منها أي نظام مركزي غير فيدرالي. ومن ثم فكيف تدعون أن النظام الفيدرالي يحل مشكلة المواطن الذي يضطر إلى السفر إلى المركز لحل مشاكله الإدارية مع أن المشكلة لا يمكن حلها إلا بنظام اللامركزية الذي يعطي صلاحيات واسعة للمحافظات أو المجالس البلدية وهو الحل الحقيقي لمشاكل المواطن الإدارية والاقتصادية.

6- لكل إقليم في النظام الفيدرالي دستوره الخاص، وسلطة تشريعية ممثلة في البرلمان المحلي، وسلطة تنفيذية ممثلة في مجلس الوزراء المحلي، ويحق لكل إقليم أن يرفع علم الإقليم مع علم الدولة الفيدرالية، فماذا بقي لكل إقليم لكي يصبح دولة مستقلة؟ ثم ألا يمهّد هذا للانفصاليين السبيل للاستقلال عن الدولة الفيدرالية؟

7- عندما تستمع إلى دعاة الفيدرالية تجدهم يقولون إن المواطن ينبغي أن يتمكن من تجديد جوازه في دائرته المحلية ويمكنه أن يقضي حاجاته الإدارية في مكان إقامته، ثم تراهم يطالبون بتحقيق الفيدرالية من أجل ذلك، وسؤالي أليس في "اللامركزية" حل لمثل هذه المشاكل؟ فلم اللجوء إذن إلى التقسيم لحل مشكلة المركزية؟

8- تقولون إن معظم مناطق ليبيا عانت من التهميش والتخلف بسبب عدم تطبيق النظام الفيدرالي، والسؤال أليس السبب الرئيس لمعاناة المواطن وتهميشه وتهميش مناطقه تعود إلى طبيعة الاستبداد التي كان يتسم بها نظام القذافي أم أن نظامه كان نظاما بديعا لا ينقصه إلا تطبيق النظام الفيدرالي؟

9- هل الباعث الحقيقي وراء الدعوة إلى الفيدرالية هو تقوية أواصر اللحمة الوطنية كما يقول دعاة الفيدرالية أم الحرص على زيادة نصيبهم من النفط؟ وإذا كان الجواب هو الثاني فشتان بين الشهيد الذي ضحى بروحه والجريح الذي ضحى بأشلائه من أجل ليبيا ووحدة ترابها وبين من سيضحى بليبيا من أجل توهّم أن يضخم حجم بطنه.

10- أي التقسيمات المقترحة لليبيا سنأخذ به عند تقسيم ليبيا إلى ولايات: هل هو تقسيم بيفن سيفورزا في 10 مارس 1949 م الذي يقضي بتقسيم ليبيا إلى ثلاث ولايات هي طرابلس وبرقة وفزان، ويقضي بفرض الوصاية الإيطالية على الأولى والوصاية البريطانية على الثانية والوصاية الفرنسية على الثالثة؟ أم أن هناك تقسيمات أخرى تزيد على هذه القسمة الثلاثية؟ وما المعيار المعتمد عليه في التقسيم؟ وهل قدّر دعاة الفيدرالية في ليبيا ما الذي سيترتب على هذه التقسيمات من نزاع على الحدود وعلى الثروة الوطنية من المرجح أن يتطور إلى حرب أو حروب قد تمتد إلى عشرات السنين؟

(للمشاهدة، اضغط هنا)

هذه مظاهرة لآبائنا وأجدادنا بعد أن جربوا الفيدرالية خلال الخمسينيات ووجدوها حلا هشّا لا يسمح بقيام دولة موحدة مع أنه في ذلك الوقت كانت اتجاها نحو الاتحاد، فلِم نعود إلى ما كرهه الأجداد، ولاسيما أن الفيدرالية الآن إنما هي اتجاه نحو التقسيم لأنه انطلاق من الدولة الواحدة إلى دولة الولايات أو الأقاليم أو الدويلات؟

د. محمد يونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق