الأحد، 22 يناير 2012

06 أكتوبر, 2011إعداد / أ .عمران غنية: السياسة الخارجية الليبية

السياسة الخارجية الليبية"قضايا وتحديات البيئة الخارجية"من( 1969 _ 2011 )ورقة بحثيةإعداد / أ ।عمران غنيةالسياسة الخارجية الليبية"قضايا وتحديات البيئة الخارجية"مقدمة
।الفصل الأول :العلاقات الجيوسياسية في ليبيا من1969/2011 المبحث الاول : دوائر العلاقات الدولية في نظام القذافيالمحبث الثاني :أدوات رسم السياسة الخارجية الليبيةالمبحث الثالث :صنع القرار في السياسة الخارجية الليبيةالفصل الثاني :السياسة الخارجية الليبية نحو إستراتيجية جديدةالمبحث الأول :المستجدات الإقليمية والدولية أثرها علي السياسة الخارجية الليبية المبحث الثاني : أســــس ومرتكزات الإستراتيجية الجـــديدة مقدمةمما لاشك فيه أن جـــميع الثـــورات العربية المعـــــاصرة و ثورة " 17 فبراير" الليبية على وجه الخصوص تحتاج من الناحية العلمية إلى البحث الدقيق لمسيرتها ، سياسياً وإقتصادياً واجتماعياً وثــقافياً
॥ من خلال التعرف على مراحل الإخفاق والإزدهـــار فـي هــذه الثـــورات ، وحتى نستطيع استشراف الأفـــاق المستقبلية لهذه الثورات ، بما يساهم في زيادة الوعي حول إمكانية التغلب على الصعاب التي تواجهها في ظل التحديات الداخــلية وفي ضوء مستجـدات البيئة الخارجية المتزايدة سواء عــلى الصعيد الإقـــليــمي أوالدولي أو على مستوى الأفراد والمؤسسات ।إن تحديات العولمة والتطور التكنولوجي وما رافقه من سقوط للإتحاد السوفيتي وما ترتب عليه من تحول مفـــــاهيم حول المجتمع الدولي و العلاقات الدولية ، تقتضي منا إيجاد دراسة واعية ومعمقة لإستعاب كل تلك التحديات والحد من أثارها السلبية ।وللوصول إلى تــلك الغاية تم تـــقسيم البحث إلى فصلين أساسيين ، ركز الفصل الاول منه على العلاقات الجيــوسياسية في ليبيا ، وتم تخصيص الفصل الثاني للرؤية الإستراتيجية الجديدة في السياسة الخارجية الليبية .الفصل الأول : العلاقات الجيوسياسية في ليبيا 1969 /2011 :ليبيا بلد موحد ، له هويته المستقلة ، ونفوذه الخارجي يعود إلى حوالي 2000 قبل الميلاد ، وتعتبر الرابطة العربية من أشد الروبط التي تربط ليبيا بدوائر حركتها الإقليمية رغم تعددها فقد جاءت الدائرة العربية ، ثم الإفريقية ، ثم الإسلامية ، ثم المتوسطية اخيرا. وهكذا نجد ، أن تحديد هوية ليبيا على هذا النحو يستهدف الحفاظ على الشخصية الليبية ودورها العربي والإفريقي والإسلامي وأيضا المتوسطي . وعلى الرغم من وجود وجهة نظر واقعية خلال فترة الإستقلال تؤمن بالإنتماء العربي والإسلامي دون تجاهل الدور المتوسطي "الغربي" في دفع عجلة التنمية والتقدم .إلا أن حركة المد القومي التي ظهرت في المنطقة العربية والتأيد الشعبي لشخصياتها والشعارات المزيفة التي رفعتها والتي كانت تنادي بإلإسلام وضرورة الوحدة ومحاربة الفقر والجوع ومعادة الغـرب والتــــصدي للإستعمار، كـل تلك الظروف ساهمة في إحباط وفشل هذا التوجه ، و إنجاح إنقلاب 1969 م. ووفق التوجه الثوري الذي تبناه نظام حكم القذافي ، أخدت السياسة الخارجية أسلوب المواجه والعداء مع القوى الكبرى بأكثر مما تتحمله المقدرة الليبية ، الأمر الذي ترتب عليه تحميل ليبيا ثمنا باهظضاً وتعريضها للمخاطر عداء تلك القوى .كما إنتهج النظام الثوري الفوضوي عقب الإنقلاب 1969 سياسة خارجية متضاربة ومتذدبذدبة بين الإنتماء العربي ثارة والإنتماء الافريقي أو المتوسطي ثارة أخرى, معتمداً في سياسته الخارجية على عدة أساليب سنحاول التعرف عليها على النحو التالي . : المبحث الأول : أدوات السياسة الخارجية الليبية مند 1969/2011 الأمر الثابت أن السياسة الخارجية الليبية خلال هذه الفترة قد إنتهجت عدة وسائل إعتمدة إعتمدت جلها على عوائد المورد الإقتصادي القوي الا وهو "النفط" .فقد إستثمرت تلك العائدات في تمويل جماعات إنفصالية, والتدخل في الشوؤن الداخلية للدول المجاورة وتقديم الدعم لعمليات إنقلابية فيها ، وإثارت وإثارت النزاعات, والحرص على بقائها قائمة, والعمل على تقويض الأمن, و الإستقرار في المنطقة والعالم .كما استخدمة عقود النفط في المضاربة لتحقيق مكاسب سياسية تدعم بقاء النظام على سدة الحكم . ونتيجة لهذه السياسة أصبحت ليبيا في قائمة الدول الراعية الإرهاب للإرهاب, ومنبوذة سياسياً من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ، الأمر الذي كبد الخزانة العامة خسائر فادحة .المبحث الثاني : صنع القرار في السياسة الخارجية اللبيبية 1969 /2011 . ما من الأشك لا شك فيه أن هناك علاقة أكيدة بين عملية صنع القرار السياسي في الدولة ، وطبيعة النظام السياسي الحاكم, ودرجة تطوره ابتعاده عن التطور الديمقراطي . وإذا كان أحد النماذج التحليلية لعملية صنع القرار السياسي ، يشير إلى أن هذه العملية تتمحور حول ثلاثة متغيرات أساسية هي : 1 / الفاعل السياسي . 2 / الوضع أو الموقف . 3 / الغايات أو الأهذاف الأهداف . فإن هذا النموذج يرى أن مفتاح تفسير سلوك الدولة يكمن في الطريقة التي يتصرف بها صانعوا القرار إزاء الوضع أو الموقف .وبناء على ما تقدم ، فإن تفهم عملية صناعة القرار يتطلب تحليل الفاعلين ( صانعوا القرار الرسمين الرسميين من خلال تلمس إدراكات الفاعلين ، وإختياراتهم وتوقعاتهم ) ، وهي عملية مرتبطة وتخضع إلى العديد من التأثيرات . وهذا المدخل النظري رغم أهميته ، فأنه لايفيد كثيرا بالنسبة إلى عملية صناعة القرار السياسي في دول العالم الثالث ، ومن بينها ليبيا ، حيث يعد "الزعيم" كما يحب أن يوصف هو العنصر الرئيسي في عملية صناعة القرار ، وذلك لطبيعة النظام وإنعدام وانعدام المشاركة الفعلية السياسية .وهذا يعني أن أهم سمات عملية صنع القرار في السياسة الخارجية الليبية هي ما يلي : 1 / أن "الزعيم" في ليبيا هو صانع القرار الرئيسي إن لم يكن الوحيد ، وإنفراد الزعيم الكامل بعملية صنع القــرار في كثيــر مــن الأحــداث الـداخلية والخارجية وبدرجات مختلفة . 2 / ان السمات الشخصية "للزعيم" تلعب دورا بارزا في عملية صنع القرار ، لأن شخصيته النرجسية والمعقدة والمحبة للزوبعة السياسية وخلق الفوضى اللا منظمة والظهور تمثل العنصر الأساسي في تحديد أدوار المؤسسات والأجهزة السياسية في الدولة . 3 / ضعف دور المـــؤسسات والأجهزة التشريعية والتنفيدية في عملية صنع القرار ، الأن " و الزعيم " يمثــل العــنصر الأساسي في تحديد أدوار هـذه المؤسسات والأجهزة . 4 / المركزية الشديدة في صنع القرار ، والتي تتمركز بصفة أساسية في شخص "الزعيم" دون إعتبار لعنصر المشاركة من القاعدة . 5 / أضف إلى ذلك عدم وضع استراتجية واضحة المعالم تسير وفقها وزارة الخارجية ، نحو الوصول إلى غاياتها ، هذا إلى جانب قلة الكفاءة والخبرة في مجال العلاقات الدولية . وهذا الأمر في غاية الخطورة ، بمعنى أننا لا نتخذ القرارات الخارجية من مسار مؤسسة محددة، ووجود مراكز أخرى يمكنها التأثير على موقف ليبيا تماماً ، ولذلك ، يلاحظ تخبط في مجال السياسة الخارجية .وبناء على هذا لم تتوفر المركزية التي تنسق بينها في مكان واحد ليكون الناتج رؤية موحدة ومتوافقة لإتخاذ القرار والعمل . وربما لو نؤسس مجلساً للعلاقات الخارجية ، يمكن أن يشترك فيه الأعضاء من المختلفين مختلف للجهات الجهات التي تتدخل في صنع القرار إلى حد ما وبشكل ما ، قد يكون من المهم علاج القصور من الممكن التوفيق والتخفيف من حدة هذا القصور و نقوم بتنظيم السياسة الخارجية ويقل الضعف في الدبلوماسية . الفصل الثاني : السياسة الخارجية الليبية نحواستراتجية جديدة إن السياسة الخارجية لأية دولة ((هي في حقيقتها مجموعة المباديء والأهداف التي تقررها الدولة لنفسها وتضعها موضع التنفيد والتي تحدد نمط سلوكها عندما تتفاوض مع غيرها من الدول لحماية مصالحها الحيوية أو تنمية تلك المصالح وتطويرها )) إنه من دون قراءة صحيحة للظروف والمتغيرات الإقليمية والدولية لا يمكن فهم السياسة الخارجية الليبية ومن ثم فهم رؤيتها الإستراتجية الجديدة .وفي هذا الفصل سنحاول معرفة تلك المتغيرات وتأثيرها على السياسة الليبية من خلال إلقاء الضوء على الأهداف الوطنية العليا ومن ثم توضيح الرؤية الإستراتجية الجديدة لهذه السياسة . الأهداف الوطنية العليا في السياسة الخارجية الليبية :إن للدولة ، أية دولة طموحاتها وأهدافها ومصالحها والتي ترغب في تحقيقها على المستوى الإقليمي أو الدولي . ومن جملة هذه الاهداف ، حماية السيادة الاقليمية ودعم الأمن الوطني ، وتنمية مقدرات الدولة من القوة ، وزيادة مستوى الثراء الإقتصادي للدولة والتوسع ، والدفاع عن هوية الدولة الثقافية وتاريخها الحضاري والعمل على نشرها في الخارج ، وتتبنى السلام كهدف للسياستها الخارجية. حيث أن الأهداف تتوقف على مدى إمكانية وقدرة الدولة بحيث تستطيع أن تخرج بأهدافها السياسية من صيغتها النظرية إلى منهج عمل مادي ملموس . إلا أنه في نهاية الأمر ليس كل ما يعلن من أهداف بشكل علني هوالحقيقي والنهائي لهذه الدولة أو تلك ، فنوايا الدول هي الدافع الحقيقي وراء أهداف الدول التي دائما ما تكون غير منظورة وغير معلن عنها للجميع مما يجعل من تتبعها وتحديدها أمراً صعبا . لذلك ، فإن بعض الدول قد تحدد لسياستها الخارجية أهـدافا معينة ومحـددة ليتعرف عـليها الأخرون من خلال ماهو متاح لهم من أهداف قد أعلنتها لهم .وبقدر ما يتاح للدولة من خبرة وفهم لظروف البيئة الدولية المتغيرة يمكنها أن تبلور سياستها الخارجية التي تستطيع عن طريقها أن تدافع عن مصالحها وتحقيق أهدافها .إن السياسة الخارجية هي الخبرة التراكمية التي تنجح في اتخاد قرارات مستمرة تحت ضغط ظروف دولية متغيرة وغير مستقرة وتحاول بها الدول أن تحمي مصالحها وتحقيق طموحاتها .وفي هذا السياق سنحاول تتبع السياسة الخارجية الليبية والمساحة التي يمكن أن تناور فيها وتلعب من خلالها لكي تحقق طموحاتها وحماية مصالحها كدولة مستقلة لها سيادتها ولها شحصيتها الدولية الإعتبارية كدولة معترف بها في المجتمع الدولي لها الحق في أن تحدد شكل سياستها الخارجية بالكيفية التي ترى فيها تأكيدا لسيادتها وحماية أمنها الوطني وزيادة ثرائها الإقتصادي والحفاظ على أهــدفها الثقافية والحضارية المبحث الاول : المستجدات الإقليمية والدولية وأثرها على السياسة الخارجية الليبية لقد قلبت المتغيرات الإقليمية و الدولية موازين القوى والتكتلات والتحالفات الدولية رآساً رأساً على عقب ، ووضعت البشرية أمام منطق مرحلة جديدة من اللا إستقرار . إن إنهيار المعسكر الشرقي "الاتحاد السوفيتي" ترك فراغا كبيراً في المجتمع الدولي يتمحور في هيمنة القطب الأمريكي ، وهذا يعني وأداً لمبدأ التوازن الدولي الذي كان سائداً بعد الحرب العالمية الثانية . وبالتالي فإن إنهيار الإتحاد يمثل نقطة فاصلة في حركة التطور السياسي العالمي خلال القرن العشرين بحيث أدى ذلك بالضرورة إلى إحداث تحولات جذرية في كافة التفاعلات السياسية والعسكرية و القيمية على المستوى الإقليمي و الدولي .فبعد حرب الخليج الاولى 1991 أصبح مطروحاً بشدة على الساحة العالمية تعبير"النظام العالمي الجديد" خاصة بعد أن جعلت القيادة السياسية في الولايات المتحدة أحد أهدافها الرئيسة خلال أزمة الخليج إرساء قواعد هذا النظام ، وبالقدر الذي أظهرت فيه الأزمة بعض ملامح التغيرات الأساسية في توازنات القوى العالمية ومستويات التكنولوجيا الجديدة وقائمة الأعمال المطروحة على العالم ، فإنها مثلت قمة جبل الجليد لتغيرات عميقة في النظام العالمي الجديد .ومن هذه المتغيرات الأتي الآتي : 1 / الثورة الصناعية .2 / التغير في ميزان القوى الدولي .3 / التحول من الثنائية القطبية إلى نظام القطب الواحد . 4 / ظهور تكتلات إقتصادية عملاقة وتهميش العالم الثالث. 5 / ثـــورة المعلــومات والتوكنولوجيــا وعولمة الإتصالات .6 / بزوغ قــائمة أعمال جديدة في العلاقات الدولية تغــيرمــن مفهوم الأمن الدولـي كــ ... ((الديمقراطية وحـقـوق الإنسان ، الإرهــاب ، الإحتباس الحـراري ، التصحر ... )) . وفيما يتعلق بهذه المتغيرات ، فيمكننا القول ، إن نقطة الضعف التي تواجهها السياسة الخارجية الليبية هي عدم توفر تحليل محدد للوضع العالمي ، فكل جهة ترى شيئاً مغايراً عند تعريف ماهية العالم أو العلاقات الدولية ، فالبعض يعتبر العالم عدة أقطاب أو قطبين ، والبعض الأخر يعتبره قطباً واحداً . ومن الواضح أن السياسة الخارجية الليبية تعاني ضعف في المعرفة والتحليل ، فمن الممكن أن تتوفر عدة نظريات حول ماهية المجتمع الدولي والعلاقات الدولية ، إلا أن السياسة الخارجية لا يمكنها الدوران حول محور عدة نظريات ، بل يجب أن تدور حول محور نظرية واحدة ، وتحدد على أساسها استراتجية واحدة يتضح من خلالها موقفها وأهدافها ليكون لدينا تحليل واحد ومعلوم عن الوضع .المـبحــث الـثاني : أسس ومرتكزات الإستراتجية الجديدة للسياسة الخارجية الليبية . إن إحدى أهم المسائل هي المتصلة بالتوقف للتفكير ملياً في التطورات القادمة ، والاشك في أن وثيرة الأحداث كانت متسارعة بشكل ملحوظ . إن من الحكمة الأن الآن القيام بطرح الأسئلة حول الخطوة أو الخطوات القادمة ، والتساؤل عما يمكن توقعه أو القيام به . إن هذا حاسم فيما يتعلق خاصة بالتساؤل عما إذا كان من المفيد رسم خارطة طريق للسياسة الخارجية الليبية يمكن للدبلوماسية أن تتحرك وفقا ً لها وأن تعمل في إطارها أم الإكتفاء بما تحقق وعدم الإستمرار، فيما يمكن أن يقودنا الإضطرار إلى التحرك وفقاً لخارطة طريق غربية .ومن الممكن للسياسة الخارجية الليبية الجديدة أن ترتكز خلال المرحلة الرآهنة الراهنة على خمس أسس :1/ التوفيق بين الحريات والأمن .2/ محاولة حل المشكلات العالقة بين ليبيا وبعض دول العالم .3/ اتباع سياسة خارجية متعددة الأبعاد ومتعددة المسالك .4/ تطوير الأسلوب الدبلوماسي وإعادة تعريف دور ليبيا في الساحة الإقليمية و الدولية .5/ الإنتقــال مـــن سياســة المقـاطعــة والجمــود الدبلوماسي إلى سياسة منفتحة ومتواصلة مع كل بلدان العالم المهمة لليبيا . وإلى هذه الأسس الخمسة التي حددناها ، فإن توفير الأدوات الضرورية لنجاحها يتطلب أيضاً إعادة التوجيه الفكري لموقع ليبيا وجعلها منسجمة مع عمقها التاريخي والحضاري والثقافي المتمثل في العالم العربي ومنه الإسلامي ॥ لقد حدثت تغيرات جوهرية في السياسة الليبية سوى على الصعيد الداخلي أوالخارجي بعد ثورة 17 فبراير ، وهذه التحولات تفرض بدورها أيضاً تساؤل إلى أي مدى حدث التغير في نظرتنا للموضوعات المختلفة بدءا من حقوق الإنسان وحتى مواجهتنا للمنظمات الدولية والعلاقات الثنائية مع الدول العربية أو نظرتنا للعالم ككل ، وهل هذا التحول انعكاس لأسلوب خطاب ثورة 17 فبراير؟ وعموماً هل السياسة الخارجية الليبية يمكن أن تتقدم معتمدة على أسلوب الخطاب فقط ، أم أنها تحتاج إلى تخطيط دقيق ؟ ورداً على هذه التساؤلات يجب أن نلقي نظرة على تحولات السياسة الخارجية على الأقل مع نهاية حقبة حكم القذافي ، وبداية فترة الإنفتاح مع العالم ، ونقدم موقفنا في السياسة الخارجية ... وجهة النظر هذه ترتكز على أن السياسة الخارجية يجب أن تتحرك على أساس المعرفة الدولية لأنه إذا أردنا أن نحصل على امتيازات للداخل في السياسة الخارجية ، فأننا نحتاج إلى المعرفة في البداية ، فلا قدرة على التحرك بدون المعرفة ، معرفة المنافسين والأصدقاء أو الشركاء على الساحة الدولية . وهذا هو التحرك الأولي ، فالدبلوماسية الليبية لا ينبغي أن توجه الخطاب والتحدث عن السياسة الخارجية للداخل فقط ، بل عليهم مسؤولية السياسة الخارجية خارج الدولة سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي ، ويجب أن يعلنوا عن موقفهم ، ولذلك فإنهم في حاجة لهذه المعرفة والتحديث في أسلوب الخطاب والمضمون . إننا بالفعل نواجه ضعف وقصور في تحليل حالتنا في الماضي ، فمثلاً : ما موقفنا من القوة ؟ أو ما الموقف المطلوب من السياسة الخارجية ؟ إن هذا الأمر يحتاج إلى تحليل معين عن العالم وما إذا كنا نريد أن نكون قوة إقليمية ، أو قوة أقل من الإقليمية ، وهذا يتطلب أن يكون لدينا تحليل واضح عن حالة القوة لنتعرف ماهي المتطلبات لو أردنا ان نكون قوة إقليمية وكم يكلفنا ذلك ، والأكثر من ذلك ، إننا الا نعرف ماذا نريد .؟وإن حدث تغير في أسلوب الخطاب ، إلا أن المطلوب في المرحلة القادمة أن يتحول إلى دلالات يمكن أن نحصل منها على منافع .أما النقطة الثانية ، هي أن مشكلتنا في البناء الدبلوماسي ، تتمثل في غلبة الإستجابة للظروف الداخلية المرحلية ، فقد كان عمل المسوؤلين يقتصر على إعلان الموقف سلباً أو إيجاباً ، وكانت المواقف يتم إتخادها في شكل تعميم بالقبول أو الرفض سلباً أو إيجاباً ، فما أحدتثه نظام حكم القذافي من الناحية الفكرية في المجتمع ، انعكس على الدبلوماسين الليبين في إعلان المواقف تحليلاً وأسلوباً .يرى البعض أن أفرد السياسة الخارجية الليبية واقعون تحت ثأتير فكر خاص ، أو أنهم تكونوا فكرياً في مرحلة خاصة ، ولهذا السبب الا تتوفر القوة البشرية المناسبة لتحقيق ما تهدف إليه الدبلوماسية في مجال السياسة الخارجية . وينبغي على أعضاء وقيادات الخارجية الليبية أن يتكفلوا بدعم مصالح الدبلوماسية الليبية في السياسة الخارجية بشجاعة وفعالية أكثر من العمل للمحافظة على الذات .إن المشكلة التي تواجه الدبلوماسية الليبية فيما يتعلق بالإعلام هي أننا لم نحدث تغيير في انفسنا اتجاه بضعة موضوعات على الأقل في السياسة الخارجية ، وأهم هذه الموضوعات هو عدم وجود تعريف محدد للمصالح الوطنية ، بمعنى أن سياستنا الخارجية في ظل نظام القذافي لا تدار على أساس الملاحظات المتعلقة بالمصالح الوطنية ، أو على الأقل يجب أن تراعى أهمية المصالح الوطنية بالنسبة لسائر المصالح الاخرى . ومع القياس بالمرحلة الراهنة يجب على السياسة الخارجية الليبية ألا تكون مركز إعلان مواقف فقط ، بل هي بالإضافة إلى ذلك ، مرجع يوضح أسس مواقفها وتحليلاتها للعلاقات الدولية وتكون متخلفة إذا فعلت غير ذلك ، وهذا هو التحول في أسلوب الخطاب والمضمون في آن معناً .إن إيجاد مكان لليبيا على الساحة الدولية المعقدة والمتحولة يحتاج إلى دعامتين أساسيتين الأولى : اكتساب المعلومات التي كانت ضعيفة للغاية في المرحلة السابقة . الثانية : تحليل هذه المعلومات ، لذلك يجب أن نسعى للمعرفة لأن تحليلاتنا للمعرفة تقرب دبلوماسيتنا من الدبلوماسية العالمية .فسياستنا الخارجية اليوم يجب أن تكون قائمة على أساس استراتيجية فكرية نابعة من ثقافتنا وحضارتنا . إلا أن هذا الأساس لن يكتمل تماماً دون التغلب عن نقاط الضعف الاساسية. أولهما تنظيم التشكيلات وإعداد البرامج داخل الخارجية وإصلاح هياكل المؤسسة الدبلوماسية وثانيهما : تنظيم الأفكار ، ووضع استراتيجية ، لديها رؤية طويلة الأجل و مدونة الأهداف والسبل التي يجب أن تسلكها .وطالما لم يتم القضاء على نقطتي الضعف هاتين لا يمكن انتظار توجه ثابت في دبلوماسيتنا . فنحن نعيش في مجتمع تعرض لسلسلة من الافكار والشعارات من الماضي والإرتباط بها بشكل ما ، وتغير هذه الافكار واستبدالها بأفكار جديدة أمر يتطلب فترة من الزمن .لقد نجحت إلى حد ما الدبلوماسية الليبية خلال ثورة 17 فبراير ، في تحسين علاقتنا مع كثير من دول العالم وخاصة دول المنطقة ، كما تشهد علاقتنا بالمنظمات الدولية تحسناً ملحوظاً معها . وإذا لم تستفيد الخارجية الليبية من هذا الوضع المهيأ ، فالعيب حين إذاً يكون في خبرتنا والخطط الداخلية للدولة . إن السياسة الخارجية تابعة أساساً للسياسة الداخلية ولانستطيع أن نغفل إلى جانبها البناء السياسي وبناء القوة الداخلية للدولة ومشاكلنا وإمكانياتنا ومصادرنا المالية ...كما تشهد الدبلوماسية الليبية تعاوناً طيباً مع الدول الأوربية ، حيث إنخفضت بشدة حدة التوتر الذي كان موجوداً في سابق بسبب تحركات الخارجية التي أحدتث أثار سيئة في علاقاتنا الخارجية . ولا يرى الأوربيون حالياً في تحركتنا عدم تنسيق والتوافق ، ويعتقدون أننا نتمتع بالتوافق في موقفنا حيال السياسة الخارجية ، وبناء عليه يبدون الإستعداد للتعاون معنا . بالطبع يجب أن يكون للسياسة الخارجية في كل دولة جذور في السياسة الداخلية . والمجتمع الليبي قد وقع تحت نفود وتأثير الغرب في بعض مراحله . فهل منطق موجهتنا يجب أن يكون إبعاد الغرب ، أم يجب أن نصل مع الغرب إلى صيغة عمل مشترك ؟إن مركز ثقل سياستنا الخارجية في المرحلة الراهنة هو أن نوضح موقفنا مع الغرب . فهل يجب أن نحافظ على درجة من التعارض مع الغرب ، أم نستطيع أن نصل إلى صيغة مختلفة معه بشكل أخر ؟ فالغرب سياسياً ليس شيئاً واحد لأن هناك نقاط اتفاق وإختلاف في داخله ، ولايمكن تصور الغرب شيئاً واحداً يتبع مصالح واحدة في كل مكان ، بل في كثير من القضايا من الممكن أن تشترك أجزاء منه في وجهة نظر ، وتختلف أيضاً في كثير من القضايا . أما ماذا سيكون موقفنا منهم ؟ هل يجب أن نواجههم بشكل عدائي دائماً ؟إن مصالحنا الراهنة تتفق مع الغرب في بعض المجالات ، كما أن لنا مصالح مختلفة مع البعض . وبناء على هذا يجب على جهازنا الدبلوماسي ان يعمل بحيث يحول العدوإلى الجانب السلبي أوالحيادي ويستطيع أيضاً ، أن يحول الدولة المحايدة إلى دولة صديقة أو الصديقة إلى حليفة إستراتيجية . وكذلك يجب على الدبلوماسين في ليبيا أن يقفوا على هذا المسار لا أن يؤكدوا على نقاط الإختلاف ، فالنشاط الذي ينتظر من الدبلوماسي المحنك هو توجيه سياسة الدولة إلى محور الإتفاق والسعي لتنحية الخلافات جانباً وتحويلها إلى علاقة متوافقة . فلا ينبغي علينا أن نوجد حالة عدائية ، بل يجب أن نعمل بحيث نزيد جوانب الإتفاق . أما على صعيد المنظمات الدولية ، فلا ينبغي أن نركز بحث السياسة الخارجية على محور محدد أو موضوع خاص ، وعلى سبيل المثال فإن بحث إصلاح الأمم المتحدة ليست لسياستنا الخارجية ، بل هو اقتراح للعالم بأسره ، ولكننا لسنا قادرين على التكفل بالمسؤولية الثقيلة لإصلاح الأمم المتحدة في العالم ، ولكن يمكن إعتبار هذا الإقتراح الليبي إيجابي فقط .أخيراً إننا تجاوزنا تجارب أكثر مرارة واستطعنا أن نتجاوزها بمرارتها في كثير من المواقف خلال فترة حكم القذافي وما ألحقه للسياسة الخارجية من خسائر ، و برغم من ذلك اليوم تنجح الدبلوماسية الليبية في كسب تأييد المجتمع الدولي لمطالب الشعب الليبي .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق